MENU

Fun & Interesting

الأستاذ محسن محمدي - الجذور الفلكية للحداثة: انبثاق الذات وانهيار الباراديغم الأرسطي التراتبي

Mominoun WithoutBorders 24,846 11 years ago
Video Not Working? Fix It Now

نظمت مؤسسة مؤمنون بلا حدود للدراسات والأبحاث في مدينة الرباط، ندوة علمية تحت عنوان: الحداثة دلالة ومشروع، تخللتها ثلاث جلسات، توزعت يومي السبت والأحد الموافقين لـ 26 و27 أكتوبر2013 إلى مداخلات مسبوقة بكلمة افتتاحية للسيد محمد العاني، المدير العام للمؤسسة. تطرقت الجلسة الثالثة والأخيرة التي ترأسها الدكتور إبراهيم مشروح إلى موضوع الحداثة وما بعدها، وفي هذا الإطار حاضر الأستاذ محسن محمد حول موضوع الجذور الفلكية للحداثة: انبثاق الذات وانهيار الباراديغم الأرسطي التراتبي. في هذه المداخلة، تحدث المحاضر عن الكوبيرنيكية، باعتبارها الشرارة الأولى التي أسهمت في بدء عملية القلب النظري والدخول إلى تصور جديد قوامه الذات عوض الموضوع. لقد كان الفلك قبل كوبيرنيكوس يسير في درب النموذج الأرسطي ـ البطلمي، القائم على مركزية الأرض، وكانت به عيوب كثيرة من بينها : تعقيده، أخطاء تقويمه، وعدم حله لمشكلة الكواكب المتحيرة. وأوضح المحاضر كيف مكنتنا الكوبيرنيكية من الانتقال من الحقيقة الجاهزة نحو الحقيقة كبناء، مؤكدا على زيف الحواس؛ فالعالم قدم لنا نفسه بطريقة مضللة، فالنظرة الخام للعالم لا تبوح بالحقيقة إلا بعد التمحيص والتدقيق الصارم من قبل العقل؛ فالعقل الذي يقبل الجاهز ساذج ومغفل، وجب أن يتحصن بالمنهج لإعادة بناء الحقيقة، فلو كانت الحقيقة هي ما يظهر مباشرة، لتمكنا بسهولة من إدراك أن الأرض تدور، وهذا ما يفسر لنا أيضا وبوضوح شك ديكارت الشهير، ومحاولته تصويب العقل بكتابه مقال في المنهج لحسن قيادة العقل، بل وجب الإشارة إلى أنه لا يوجد فيلسوف لم يكتب في مسألة العقل وتشريحه، بل محاكمته، فذاك أصبح الشغل الشاغل لهم، فنجد بيكون بكتاب "الأرغانون الجديد". كما تطرق في ختام محاضرته إلى نسف الذهنية الهرمية. لقد كان التقسيم الفلكي الأرسطي ـ البطلمي يفرق العالم إلى عالمين :علوي سماوي، حيث الكمال والثبات، وسفلي أرضي، حيث الكون والفساد، فهناك تمايز وتباين بين العالمين؛ فالعالم يتحرك بقوانين مختلفة، لكن بمجرد قدوم الكوبيرنيكية، اندمجت الأرض بالسماء، فصعد المتدني إلى الكامل، وهو ما هدم التقسيم الثنائي الذي سيتوج بتوحيد كامل مع نيوتن، حيث صار ت قوانين السقوط "التفاحة" هي نفسها قوانين الدوران "القمر". كل هذا سيمهد لانهيار التراتبية الاجتماعية؛ فالكوبيرنيكية كانت بمثابة الخلفية النظرية المحركة لانبثاق صعود الشعب من التدني إلى الرفعة، فما ينطبق على العموم هو نفسه ما ينطبق على الخاصة، الأمر الذي تجلى بوضوح مع روسو بمفهومه السيادة العامة.

Comment