أسهل طريقة لمعرفة كل أنواع القطا قبل الصيد حتى وهي سرب محلق بالجو - أصوات هذه الطيور مع أمثال شعبية

هذا الفيديو يقدم دليلا لمعرفة أنواع طيور القطا الستة في براري السعودية من أصواتها، ويوضح لماذا هي مخلوقات هامة في الحياة البرية خاصة في البيئة الصحراوية، وكيف تستطيع تحديد أي نوع من تلك الستة وبدقة حتى لو كانت محلقة عاليا في الجو ولم تشاهدها، ويكون ذلك من خلال سماع أصوات هذه الطيور الجميلة الرقيقة فكل نوع له صوت مختلف عن النوع الآخر، وقد أتيت بالأصوات لكل نوع على حدة مع صور ومشاهد نادرة.
هذه الفيديو هو الأول من سلسلة فيدوهات قادمة سأنشرها بعنوان أمثال شعبية وعربية في الحياة البرية. وفي هذا الفيديو أتيت بمثل شعبي طريف هو "كرعة قطاة" أو "شربة قطاة". وقد شرحته وبينت دلالة استخدامه في التعليق الصوتي.
وسوف أقدم في هذا الفيديو وكل الفيديوهات التي سأنشرها لاحقا وأعرض أفضل المشاهد التي صورتها في الطبيعة البرية، وستكون المعلومات مجسدة في صور ومشاهد بعضها نادرة مع تعليق صوتي يعتمد على لغة مبسطة ومفردات مفهومة لكل فئة من المشاهدين. وسيبدأ كل فيديو بحكاية أو قصة مثل شعبي أو عربي مع توضيح معناه بالتعليق والصور، ثم يتدرج الفيديو إلى عرض حقائق ستكون جديدة عن عالم الطيور والنباتات والأشجار البرية والحيوانات والمفترسات والزواحف والثعابين.
يقدم هذا الفيديو مشاهد عن حياة طيور القطا وكيف أنها مضرب أمثال في دقة الاستدلال على الأماكن التي تشرب منها الماء حتى لو كانت بعيدة، وكيف تنقل قطرات ماء بريشها المبلل وتذهب به إلى أفراخها وتسقيها في مشهد يعد من عجائب طيور القطا وكيف أن غريزة الرحمة تدفعها إلى أن تؤدي هذا العمل يوميا إلى أن يكبر صغارها وتصل إلى مرحلة الطيران. وقد عرض الفيديو تلك العملية وكيف أن الذكر "الأب" من القطا يقدم كمية قليلة من الماء للأفراخ لكنها قطرات للحياة يتلقفها الصغار بما يشبه الرضاعة من صدر وبطن "الأب". وبين الفيديو كيف أن طيور القطا حينما تهبط مقبلة على مصادر الماء تكون شديدة الحذر في سلوكها ثم تتقدم وتشرب غالبا بسرعة، ثم تطير أيضا بسرعة إذا كانت في موسم التفريخ كي تسقي صغارها.
وكلمة الكَرْع في المثل عامية فصيحة تعني شرب الماء بالفم مباشرة بدون استخدام الكف أو الإناء. ويقال المثل للدلالة على قصر وقت إنجاز العمل مع حذر من الوقوع في خطأ، أو لعموم قصر أوقات الأعمال.
والقطا تعد من أرق الطيور الحاضرة في موروث العرب سواء في الأمثال والشعر والصيد، وهي في السعودية ستة أنواع هي:
القطا العراقي "النغاق، المعاعي، الأبيض".
Pin-tailed Sandgrouse
‏Pterocles alchata
والقطا الكدري "القطا المرقط، المقطقط، الأحيمر، قطا نجد"
Spotted Sandgrouse
‏Pterocles senegallus
والقطا الغطاط
Chestnut-bellied Sandgrouse
‏Pterocles exustus
والجوني "الكدري"
Black-bellied Sandgrouse
‏Pterocles orientalis
والقطا المخطط "قطا الحجاز"
‏ Lichtenstein’s Sandgrouse
‏Pterocles lichtensteinii
القطا المتوج
Crowned Sandgrouse
‏Pterocles coronatus
القطا عند العرب مضرب مثل في معرفة الدروب والمهارة في الاستدلال على الأماكن فقيل: أدل من القطا. وأهدى من القطا.
فهي ذات مهارة في الاهتداء إلى المواقع التي تقصدها لتشرب وكذلك القدرة على العودة بدقة إلى منطقة أفراخها ومراعيها التي تعودت على أن تجد فيها غذاءها من البذور والحبوب..
ومن العبارات الرقيقة التي كانت الأمهات في بعض مناطق السعودية يرددنها حينما يبدأ الطفل الرضيع في أول خطوات تعلم المشي:
هدى هدى.. مشي القطا.
فالقطا مميز بمشية رقيقة كانت ومازالت تأتي في صور وتشبيهات الشعراء وأوصافهم لمشي الفتيات.
ختمت بحديث روي عن صحابة أن رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم قال: "من بنى مسجدا ولو كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة".
وفي مفحص قطاة.. شرح الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله أن المراد بذلك لو اشترك جماعة في بناء مسجد، بحيث كان نصيب كل واحد منهم جزءا بسيطا كمفحص، حتى لو كانت المساجد صغيرة.
والمفحَص والأفحُوص
هي نقرة صغيرة في الأرض تعملها القطاة لوضع البيض فيها لأنها تفرخ على الأرض وليس الأشجار مثلها مثل طيور الحبارى والقبرات وأنواع أخرى. وتستحق الأنواع التي تفرخ على الأرض مزيدا من الاهتمام في البيئة الصحراوية لأن وجودها هام لتكامل السلسلة الغذائية لأن أفراخها الضعيفة والميتة ستكون غذاء سهلا لأحياء أخرى مثل المفترسات الصغيرة كالقطط البرية والثعالب وغرير العسل أو الضربان أو الظرنبول والقنفذ، وأيضا غذاء لأنواع من الطيور التي تأكل اللحم مثل طير الصرد أو السرد أو البري ووكذلك صغار الجوارح وطيور البوم وغيرها من المخلوقات في الطبيعة البرية الصحراوية التي قد تكون شحيحة المصادر الغذائية في فترات الجفاف والتدهور البيئي.
لقد تناقصت أعداد طيور القطا في براري السعودية سابقا لكن المؤشرات حاليا قد تحمل أخبارا سارة عن عودة طيور القطا إلى أماكنها السابقة التي انقرضت منها مثل الصمان في محمية الملك عبدالعزيز الملكية ومساحات شاسعة في محمية الملك سلمان الملكية، هذا فضلا عن المحميات الأخرى مثل محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية، ومحمية الإمام عبدالعزيز بن محمد الملكية، وغيرها من المحميات البرية في السعودية. لقد كان الاسراف في الصيد في السابق واحدا من العوامل السلبية التي أدت إلى انحسار أو انقراض طيور القطا من مساحات واسعة في براري السعودية، لكن من واقع عمليات رصد قمت بها خلال أواخر عام ٢٠٢٣ وأوائل عام ٢٠٢٤ أني شاهدت أعداد من القطا في روضة التنهات وكانت قد انقطعت عنها سابقا، ورصدت وشاهدت القطا بهيئة أسراب خلال الشتاء والربيع حينما حل موسم ربيع فريد في أجزاء من هضبة الصمان.

قناة محمد اليوسفي