هُوَ مِنْ اَلطُّيُورِ اَلَّتِي ذُكِرَتْ فِي اَلْقُرْآنِ اَلْكَرِيمِ وَوَصَفَهُ اَلْعُلَمَاءُ بَأنه مِنْ اَلطُّيُورِ اَلْخَجُولَةِ اَلَّتِي تُحِبُّ اَلْعَيْشَ مُنْفَرِدَةً .
تَقُومُ اَلْأُنْثَى بِإِغْرَاقِ اَلصِّغَارِ بِسَائِلٍ سَيِّئٍ اَلرَّائِحَةِ تُخْرِجُهُ مِنْ غُدَّةٍ بِقَاعِدَةِ الذيلِ لِيَبْتَعِدَ عَنْهُمْ أَي مُفْتَرِسٍ كَمَا أَنَّهُ يُحَافِظُ عَلَيْهِمْ مِنْ اَلْأَمْرَاضِ اَلْبَكْتِيرِيَّةِ اَلَّتِي قَدْ تُصِيبُهُمْ ، ويُعَدُّ مِنَ اَلطُّيُورِ اَلْهَادِئَةِ اَلْمُحَبَّبَةِ للإنسانِ.
وَيُعَدُّ وُجُودُهُ فِي مَكَانٍ مُعَيَّنٍ دَلِيلاً عَلَى نَظَافَتِهِ وَنَقَائِهِ وَخُلُوّهُ مِنْ اَلْمُلَوِّثَاتِ واَلْمُبِيدَاتِ اَلْحَشَرِيَّةِ .
مُشَاهِدِينَا اَلْكِرَامَ سَلَامٌ مِنْ اَللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ وَبَرَكَاتُهُ ، وأَهْلاً وَمَرْحَبًا بِكُمْ فِي حَلْقَةٍ جَدِيدَةٍ مِنْ بَرْنَامَجٍ ( غَرَائِب اَلطُّيُورِ )
نَتَحَدَّثُ فِي حَلْقَةِ اَلْيَوْمِ عَنْ طائرِ الِهُدْهُد
هو مِنْ اَلطُّيُورِ اَلْمُحَبَّبَةِ اَلَّتِي تَعِيشُ فِي أَفْرِيقْيَا وَأُورُوبَّا وَآسْيَا وَمَدْغَشْقَر فَهُوَ يُفَضِّلُ اَلْغَابَاتِ وَالْأَمَاكِنِ اَلْمَفْتُوحَةِ وَقَدْ يَعِيشُ فِي اَلْحَدَائِقِ .
تَقُومُ اَلطُّيُورُ عادةً بِبِنَاءِ اَلْأَعْشَاشِ عَلَى اَلْأَغْصَانِ فِي زَاوِيَةٍ مُنَاسِبَةٍ مِنْ تَجَمُّعِ اَلْكَثِيرِ مِنْ أَعْوَادِ اَلْعِصِيِّ وَالْمَوَادِّ اَلْمُنَاسِبَةِ لِذَلِكَ، ولَكِنَّ اَلْهُدْهُدَ يَخْتَلِفُ فِي بِنَاءِ عُشِّهِ عَنْ بَاقِي اَلطُّيُورِ ، فَهُوَ يَبْحَثُ عَنْ اَلثُّغُورِ فِي جُذوعِ اَلْأَشْجَارِ أَوْ اَلْمُنْحَدَرَاتِ أَوْ اَلثُّغُورِ فِي اَلْجُدْرَانِ فِي اَلْمُدُنِ لِيَقُومَ بِتَهْيِئَتِها لِتصْبِحَ عُشًّا لَهُ ، و هُوَ طَيْرٌ لَهُ عُرفٌ مُمَيَّزٌ عَلَى رَأْسِهِ .
ويتجلى بديعُ صُنعِ الخالقِ في لونِ هذا الطائرِ حيثُ منحه اللهُ عزَ وجلَ ريشا بنيا فاتحا وعُرفا بنيا مُرَقّطا مِنْ أَطْرَافِهِ بِالرِّيشِ اَلْأَسْوَدِ وَنِصْفِهِ اَلْأَسْفَلِ أَسْوَدٌ مُرَقَّطٌ بِالرِّيشِ اَلْأَبْيَضِ فِي نِظَامٍ جَمِيلٍ .
لَهُ طَرِيقَةٌ مُمَيَّزَةٌ فِي اَلطَّيَرَانِ ، وَيَتَغَذَّى عَلَى اَلْحَشَرَاتِ وَهُوَ مِنْ أَصْدِقَاءِ الْمَزَارْعِينَ فَهُوَ يُنَظِّفُ اَلْأَرْضَ مِنْ اَلدِّيدَانِ وَالْيَرَقَاتِ وَالْآفَاتِ .
يُعَدُّ وُجُودُهُ وَمُشَاهَدَتُهُ عَلَامَةً عَلَى نَقَاءِ اَلْبِيئَةِ مِنْ اَلْمُبِيدَاتِ اَلْحَشَرِيَّةِ ، وَهو من الطيورِ التي لا تُؤكلُ لذلك مُنِعَ صَيْدُهُ . ( كَمَا هُوَ اَلْحَالُ بِالنِّسْبَةِ لِأَبِي قِرْدَانِ وَأَبِي فَصَادّةِ ) .
وَهُوَ يَعِيشُ فِي اَلْمَنَاطِقِ اَلْجَنُوبِيَّةِ وَالْوُسْطَى مِنْ آسْيَا وَأُورُوبَّا وَيَتَوَاجَدُ فِي أفْرِيقِيَا بِشَكْلٍ كَبِيرٍ ، وَيَعِيشُ فِي اَلتَّضَارِيسِ وَكُرُومِ اَلْعِنَبِ وَالْمُرُوجِ وَبِالذَّاتِ مُرَوِّج اَلسَّافَانَّا وَفِي اَلْأَشْجَارِ اَلْمُتَفَرِّقَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُسْتَقِرٍّ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ ، بَلْ هُوَ دَائِمُ اَلتَّنَقُّلِ وَالتِّرْحَالِ مِنْ مَكَانٍ لِآخَرَ بَحْثًا عَنْ اَلْغِذَاءِ . يَعِيشُ اَلْهِدْهدُ مُدَّةً تَقْتَرِبُ مِنْ عشرِ سَنَوَاتٍ ويَسْكُنُ هَذَا اَلطَّائِرُ فِي ثغورِ اَلْأَشْجَارِ أَوْ اَلْجُحُورِ اَلصَّخْرِيَّةِ اَلضَّيِّقَةِ وَحَتَّى فِي اَلْمَبَانِي اَلْقَدِيمَةِ . وَتَجْلِسُ اَلْأُنْثَى ما بين اثني عشرَ إلى خمسةَ عشرَ يَوْمًا عَلَى اَلْبَيْضِ كَفَتْرَةِ حَضَانَةٍ حَتَّى يفْقِسُ .
اَلذِّكْرُ يُطْعِمُ اَلْأُنْثَى أَثْنَاءَ فَتْرَةِ اَلْحَضَانَةِ وَيُطْعِمُ اَلصِّغَارَ بَعْدَ اَلْفَقْسِ .
وَعَادَةً مَا يَحْتَضِنُ صَغِيرَيْنِ كُلَّ عَامٍ بِحَيْثُ يُغَادِرُونَ اَلْعُشَّ بَعْدَ ستةٍ وعشرين إلى اثنين وثلاثين يَوْمًا مِنْ اَلتَّفْقِيسِ .
وَيُعَدُّ مِنْ خُبَرَاءِ اَلْبَحْثِ عَنْ اَلْمَاءِ حَيْثُ وَهَبَهُ اَللَّهُ نَظَرًا قَوِيًّا وَبَعْضَ اَلْقُدُرَاتِ اَلْخَاصَّةِ اَلَّتِي يَسْتَطِيعُ مِنْ خِلَالِهَا كَشْفَ اَلْمَاءِ حَتَّى فِي بَاطِنِ اَلْأَرْضِ .
يَتَمَيَّزُ بِسُرْعَتِهِ اَلْفَائِقَةِ فِي اَلطَّيَرَانِ وَالْعَدُوِّ ، وَمِنْ صِفَاتِهِ اَلْمُمَيَّزَةِ أَيْضًا أَنَّهُ يستطيعُ أَنْ يُبْعِدَ أَيَّ حَيَوَانٍ ضَارٍّ أَوْ مُفْتَرِسٍ عَنْ عُشِّهِ وَصِغَارِهِ عَنْ طَرِيقِ رَشِّ رَذَاذٍ أَسْوَدَ زَيْتِيٍّ بِرَائِحَةٍ كَرِيهَةٍ مِنْ غُدَّةٍ بِقَاعِدَةِ اَلذَّيْلِ تُبْعِدُ أَيَّ مُتَطَفِّلٍ ، بَلْ وَحَتَّى اَلصِّغَارِ يَسْتَطِيعُونَ ذَلِكَ إنْ أَحَسُّوا بِالْخَطَرِ .
ويَتَمَيَّزُ هَذَا اَلطَّائِرُ بِرَشَاقَتِهِ وَحُسْنِ مَظْهَرِهِ وَخُصُوصًا مَعَ تِلْكَ اَلنُّتُوءَاتِ اَلرَّيْشِيَّةِ اَلْمَوْجُودَةِ فِي مُؤَخَّرَةِ رَأْسِهِ .
وَيَبْلُغُ طُولُهُ حَوَالَيْ واحدٍ وثلاثين سنتيمترا
هَلْ تَعْلَمُ عزيزي المشاهد أَنَّ أَلْوَانَ اَلْهُدْهُدِ تَخْتَلِفُ حَسَبَ اَلْمَنَاطِقِ ، فَمِنْهَا اَلدَّارسِينِيَّة - نِسْبَةُ لِلْقِرْفَةِ أَوْ اَلدَّارِسِينَ وَهُوَ نَوْعٌ مِنْ اَلْبهَارَاتِ اَلْبُنْيّةِ اَلدَّاكِنَةِ - وَمِنْهَا اَلْكسْتِنَائِيُّ مَعَ أَجْنِحَةٍ مُخَطَّطَةٍ أَوْ مُلَوَّنَةٍ بِالْأَبْيَضِ وَالْأَسْوَدِ
مِنْقَارُهُ مَعْقُوفٌ طَوِيلٌ وَقَوِيٌّ وَأَجْنِحَتُهُ دَائِرِيَّةٌ تَقْرِيبًا ، أَرْجُلُهُ قَصِيرَةٌ وَذَيَّلَهُ مُرَبَّعٌ ، وَالرِّيشُ اَلْجَمِيلُ فِي مُؤَخَّرَةِ رَأْسِهِ قَدْ يتَحَوَّلُ لِشَكْلٍ مِرْوَحِيٍّ عِنْدَمَا يُسْتَثَارُ ، وَيَعْمَلُ عَلَى نَفْخِ رِيشِ رَقَبَتِهِ عِنْدَ اَلْمُنَادَاةِ .
وَعِنْدَ اَلْخَطَرِ يُومِضُ بِرَأْسِهِ .