MENU

Fun & Interesting

إنت محتاج العلاقه

Video Not Working? Fix It Now

أيها العبد المسلم، ‏لا تقدِّم على علاقتك مع الله أحدًا من البشر، اجعلها هي حبلك المتين، وركنك الشديد، وعروتك الوثقى، وميثاقك الذي لا يُنقَض، لا تكن صلتك به في المواسم ثم تنتهي، ولا تجعلها عند الشدائد، ثم تنساه في حال الرخاء، فاجعل ذكره حيًّا دائمًا في قلبك ببقاء أنفاسك.

العلاقة مع الله
ليس هناك من علاقة يحقق بها الإنسان هدف وجوده، ويرقى بها أرفع درجات مجدِهِ، وينال عليها أسمى نياشين إنجازاته، سوى العلاقة مع الله؛ إن توثَّقت سعِد وأنس، وإن ضعُفت انهار ويَئِس، ومهما مَلَكَ الإنسان من الماديات، تبقى الروح تحتاج إلى قوة أعلى، والى شعور أكمل، ولن يكون ذلك إلا في الصلة بالله، والارتباط به، والاعتصام والقرب منه، واللجوء إليه، وهذا هو جوهر الدين؛ صلة الروح بخالقها، وعلاقتها بموجدها ورازقها، الجميع يحتاج إلى هذه الصلة بلا استثناء، ولن تعيش بطمأنينة وسعادة ما دمتَ قاطعًا صلتك به، وكانت علاقتك به علاقة غائبة بعيدة، ضعيفة هشَّة.



وصلاح أحوال الناس في دنياهم وآخرتهم إنما يكون بصلاح علاقتهم بربهم سبحانه، كما أن فساد دنياهم وآخرتهم سببه انقطاع الصلة بينهم وبين الله؛ كما قال سبحانه: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30].



ولن تستطيع تجاوز محن الحياة والمدلهمَّات والخطوب، والشدائد والكروب، إلا بعقيدة راسخة في أن الله هو أكرم الأكرمين، وأنه مالك الناس أجمعين، وأن كل الخير من عنده، وأنه اللطيف بك، والعالم بما فيه الخير لك، والمانع لكل شرٍّ وضر محيط بك.



ومتى نسيت هذا المعنى، زاد الحزن، وتعمَّق الاكتئاب، ولم تزدد حياتك إلا سوءًا.



إن الله رب العالمين الذي يجب عليك أن تصلح علاقتك به هو من لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم الظاهر والباطن، ويعلم ما تعلم وما لا تعلم، وما تُخفِي وما تُعلِن، ويعلم دقائق الأمور، ويعلم سريرتك وعلانيتك، يعلم نياتك وخواطرك؛ قال سبحانه: {يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا} [سبأ: 2]، وقال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [آل عمران: 5]، فربٌّ هذا علمه، وإله هذه إحاطته، ألَا يستحق أن نهتم بعلاقتنا معه، وأن نحسن الصلة به؟



أيها العبد المسلم، ‏لا تقدِّم على علاقتك مع الله أحدًا من البشر، اجعلها هي حبلك المتين، وركنك الشديد، وعروتك الوثقى، وميثاقك الذي لا يُنقَض، لا تكن صلتك به في المواسم ثم تنتهي، ولا تجعلها عند الشدائد، ثم تنساه في حال الرخاء، فالله دائم وباقٍ، لا يفنى ولا يزول، فاجعل ذكره حيًّا دائمًا في قلبك ببقاء أنفاسك.



عباد الله، الذي يجب أن يكون عليه الفرد في العلاقة مع الله جل جلاله هو لسان حال الشاعر؛ حين يقول:

فليتك تحلو والحياة مريـــرة ** وليتك ترضى والأنام غِضابُ

وليت الذي بيني وبينك عامر ** وبيني وبين العالمين خــرابُ

إذا نلتُ منك الود فالكل هينٌ ** وكل الذي فوق التراب تـرابُ



العلاقة مع الله مؤنِسة، جابرة، أبدية، مختلفة، عندما يحبك الله، سينعكس حبه على وجهك وأخلاقياتك، سيُسخر لك الأرض ومن عليها، حتى تكره التعلق بأحد سواه، فتحب ما يحب، وتبغض ما يبغض، ستجده دائمًا معك، ستشعر معه بالحماية والوقاية والأمان التام.



مهما تعددت علاقاتك مع من حولك، فإن علاقتك بالله تعالى تبقى أساس كل العلاقات، ‏كل علاقة مهما بلغت من المودة، فلا بد لها من انقطاع أو فراق بالموت، إلا علاقة المؤمن بربه وخالقه، فلا تنتهي أبدًا.



‏العلاقة بالله هي العلاقة الوحيدة الناجحة والمستمرة، علاقة لا يشوبها شكٌّ، ولا غدر، ولا مصلحة، علاقة مطمئنة مريحة، واضحة الملامح والأهداف.



قال الله تعالى: {وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ} [التوبة: 111]، وقال سبحانه: {وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ} [البقرة: 40]، وقال أيضًا: {قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ} [البقرة: 80].



‏"مهما تهتَ في مسارح الحياة، فلا تنسَ علاقتك مع الله، تحسَّسْها كأعظم شيء تخاف فقدانه، حافظ عليها كما تحافظ على روحك؛ لأنك بها كل شيء، وبدونها لا شيء".



فمن صلحت علاقته بالله، صلحت علاقته بمن حوله، وصلحت كل أحواله، من صلحت علاقته بالله، تيسرت أموره، وانفرجت همومه، وأُجيبت دعوته؛ وفي الحديث: «تعرف إلى الله في الرخاء، يعرفك في الشدة».



أيها المسلمون: ما مدى حسن علاقتنا بربنا؟ كيف نستطيع نوطد علاقتنا مع الله وصلتنا به؟ إن حسن العلاقة مع الله دليل المحبة والخشية له سبحانه وتعالى، وعلامة ذلك وَجَلُ القلب إذا ذَكَرَ الله، وزيادة الإيمان بعد سماع القرآن، والذكر الدائم حين القيام، وحين القعود، وعلى الجنب، والتفكر الإيماني في خلق السماوات والأرض، ثم الدعاء الصادق الخالص: {رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: 191].



عباد الله، ‏توثيق العلاقة مع الله تكون من خلال العبادة والطاعة، والعمل الصالح، والصلاة صلة بالله الرب القادر، الخالق الرازق، الحي القيوم، ذي الجلال والإكرام، منها نستمد القوة لمواجهة صعوبات الحياة، ونحظى بالطمأنينة والسكينة، والشعور بالأمان والسلام.



‏فالذي يمتنع عن الصلاة، ولا يسعد بها يكون قد منع ذاته عن صحبة الله وصلته به، لا يستطيع إنسان أن يقول: إنه يحب الله، إن كان لا يتحدث معه في صلاته وركوعه وسجوده، ولا ينطرح بين يديه.



إن الذي لا يجد في نفسه دافعًا إلى الصلاة، ولا تكون له رغبة في الصلاة والعبادة، هو إنسان جافٌّ من الداخل، خالٍ من الروح، ميت القلب والوجدان، لا علاقة له بالله؛ لأن أول ثمار العلاقة مع الله هي الصلاة.

Comment