"من يعمل سوءاً يُجزَ به" خطبة الجمعة ٢٧ جمادى الأولى ١٤٤١
خطبة الجمعة ٢٧ جمادى الأولى ١٤٤١:
"من يعمل سوءاً يُجزَ به"
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين.
يقول الله تبارك وتعالى:
{ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا}
●قَالَ الْجُمْهُورُ: لَفْظُ الْآيَةِ عَامٌّ،
وَالْكَافِرُ وَالْمُؤْمِنُ مُجَازًى بِعَمَلِهِ السُّوءِ،
فَأَمَّا مُجَازَاةُ الْكَافِرِ فالنار، لان كفره أو بقه،
وَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَبِنَكَبَاتِ الدُّنْيَا، كَمَا رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَقال: لما نزلت (من يعمل سوءا يجز به) بلغت من المسلمين مبلغا شديدا.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قاربوا وسددوا ففي كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة ينكبها والشوكة يشاكها).
● وخرج الترمذي الحكيم عن الزبير رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من يعمل سوءا يجز به في الدنيا أو في الآخرة)
▪ قال الترمذي أبو عبد الله: فأما في التنزيل فقد أجمله فقال: (من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا) فدخل فيه البر والفاجر والعدو والولي والمؤمن والكافر، ثم ميز رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بين الموطنيْن فقال: (يجز به في الدنيا أو في الآخرة)
وليس يجمع عليه الجزاء في الموطنين.
● عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي قال: لما نزلت (من يعمل سوءا يجز به) قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: ما هذه بمبقية منا، قال: (يا أبا بكر إنما يجزى المؤمن بها في الدنيا ويجزى بها الكافر يوم القيامة).
● وروى الترمذي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنها لما نزلت قال له النبي صلى الله عليه وسلم:) أما أنت يا أبا بكر والمؤمنون فتجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا الله وليس لكم ذنوب وأما الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة .
● (من يعمل سوءا يجز به) إلا أن يتوب.
▪(ولا يجد له) بالجزم عطفا على (يجز به). وروى ابن بكار عن ابن عامر (ولا يجد) بالرفع استئنافا. فإن حملت الآية على الكافر فليس له غدا ولي ولا نصير. وإن حملت على المؤمن فليس [له «١»] ولي ولا نصير دون الله.
[سورة النساء (٤): آية ١٢٤]
ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا (١٢٤)
● شرط الإيمان :
لأن المشركين أدلوا بخدمة الكعبة وإطعام الحجيج وقري الأضياف.
وأهل الكتاب بسبقهم، وقولهم نحن أبناء الله وأحباؤه.
▪ فبين تعالى أن الأعمال الحسنة لا تقبل من غير إيمان.
● وقرأ (يدخلون الجنة) الشيخان أبو عمرو وابن كثير (بضم الياء وفتح الخاء) على ما لم يسم فاعله. الباقون بفتح الياء وضم الخاء، يعني يدخلون الجنة بأعمالهم. وقد مضى ذكر النقير وهي النكتة في ظهر النواة.
فكلا أخذنا بذنبه فمنهم من أرسلنا عليه حاصبا ومنهم من أخذته الصيحة ومنهم من خسفنا به الأرض ومنهم من أغرقنا وما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون (٤٠)
وظيفة شهر رجب:
خرج من الصحيحين من حديث أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجة الوداع فقال في خطبته: " إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض السنة اثنا عشر شهرا منها أربعة حرم ثلاثة متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان"
وذكر الحديث قال الله عز وجل: {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم} [التوبة: ٣٦]
عن ابن عباس: اختص الله أربعة أشهر جعلهن حرما وعظم حرماتهن وجعل الذنب فيهن أعظم وجعل العمل الصالح والأجر أعظم
قال كعب: اختار الله الزمان فأحبه إلى الله الأشهر الحرم وقد روي مرفوعا ولا يصح رفعه وقد قيل: في قوله تعالى: {فلا تظلموا فيهن أنفسكم} [التوبة: ٣٦] أن المراد في الأشهر الحرم
وأما الصيام فلم يصح في فضل صوم رجب بخصوصه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أصحابه ولكن روي عن أبي قلابة قال: في الجنة قصر لصوام رجب قال البيهقي: أبو قلابة من كبار التابعين لا يقول مثله إلا عن بلاغ وإنما ورد في صيام الأشهر الحرم كلها حديث مجيبة الباهلية عن أبيها أو عمها: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال
له: "صم من الحرم واترك" قالها ثلاثا خرجه أبو داود وغيره وخرجه ابن ماجة وعنده: "صم أشهر الحرم" وقد كان بعض السلف يصوم الأشهر الحرم كلها
منهم ابن عمر والحسن البصري وأبو اسحاق السبيعي وقال الثوري: الأشهر الحرم أحب إلي أن أصوم فيها .
وتزول كراهة إفراد رجب بالصوم بأن يصوم معه شهر آخر تطوعا عند بعض أصحابنا مثل أن يصوم الأشهر الحرم أو يصوم رجب وشعبان وقد تقدم عن ابن عمر وغيره صيام الأشهر الحرم والمنصوص عن أحمد أنه لا يصومه بتمامه إلا من صام الدهر وروي عن ابن عمر ما يدل عليه فإنه بلغه أن قوما أنكروا عليه أنه حرم صوم رجب فقال: كيف بمن يصوم الدهر وهذا يدل على: أنه لا يصام رجب إلا مع صوم الدهر.
العمرة في رجب
النبي صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم اعتمر في رجب
اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان
شهر حرام أتي من أشهر حرم ... إذا دعا الله داع فيه لم يخب
طوبى لعبد زكَى فيه له عمل ... فكف فيه عن الفحشاء والريب.
يا عبد أقبل منيبا واغتنم رجبا ... فإن عفوي عمن تاب قد وجبا
في هذه الأشهر الأبواب قد فتحت ... للتائبين فكلٌ نحونا هربا
حُطوا الركائب في أبواب رحمتنا ... بحسن ظن فكل نال ما طلبا
وقد نثرنا عليهم من تعطفنا ... نثار حسن قبول فاز من نهبا