في حب بغداد وضمن سلسلة #مدن_الشعر بمبادرة #خلك_في_البيت نواصل مع عاصمة شعرية جديدة... بغداد عاصمة الرشيد التي بناها المنصور لتغدو حاضرة من حواضر العالم ورمزا من رموز الحضارة.مكانتها بارزة في الشعر العربي قديمه وحديثه، ونبدأ مع الشعر العربي القديم على أن نتبعها بجزء ثان عنها في الشعر العربي الحديث ... ومع عود الفنان نصير شمة واختيار وقراءة د. علي بن تميم نسمع صوت ابن إياس الكناني مخضرم العصرين الأموي العباسي وأبي تمام وابن الرومي وأبي نواس وما نسب إلى هارون الرشيد وشعر العباس بن الأحنف وعلي بن الجهم والبحتري وابن زريق وإسحاق الموصلي والمعري والشريف المرتضى وقمر الإشبيلية وابن عربي وابن القيسراني ومنصور النمري و الخطيب البغدادي، وستظل مكانة الشعر راسخة في ذائقتنا ومصدرا من مصادر التأريخ للجمال والمحبة والإبداع ...وكم يأسرنا ما قاله أبو تمام إذ تردد كثيرا وهو يصف خراب الديار، نظرا لمكانتها الكبيرة بين العواصم الكونية، قال:
لَقَد أَقامَ عَلى بَغدادَ ناعيها
فَليَبكِها لِخَرابِ الدَهرِ باكيها
ولعلنا نلاحظ مخرجه الفريد عندما دعا القوم إلى البكاء على بغداد، فلم يقل خراب بغداد بل قال "خراب الدهر"، ومصير الزمن بإرادة العراقيين أن تعود بغداد لتؤثر مجددا في دنيا الثقافة والإبداع ولتكون في صدارة العواصم كما كانت دوما
وَيَومٍ بِبَغدادٍ نَعِمنا صَباحَهُ
عَلى وَجهِ حَوراءِ المَدامِعِ تُطرِبُ
بِبَيتٍ تَرى فيهِ الزُجاجَ كَأَنَّهُ
نُجومُ الدُجى بَينَ النَدامى تَقَلَّبُ
عَلَينا سَحيقُ الزَعفَرانِ وَفَوقَنا
أَكاليلُ فيها الياسَمينُ المُذَهَّبُ
فَما زِلتُ أُسْقى بَينَ صنجٍ وَمِزهَرٍ
مِنَ الراحِ حَتّى كادَتِ الشَمسُ تَغرُبُ
- ابن إياس الكناني
———
لَقَد أَقامَ عَلى بَغدادَ ناعيها
فَليَبكِها لِخَرابِ الدَهرِ باكيها
كانَت عَلى ما بِها وَالحَربُ موقَدَةٌ
وَالنارُ تُطفِئُ حُسناً في نَواحيها
- أبو تمام
——
بلدٌ صحبت به الشبيبة والصبا
ولبست ثوبَ العيش وهو جديدُ
فإذا تمثّل في الضمير رأيته
وعليه أغصانُ الشباب تميدُ
ابن الرومي
——-
شــربْنــا مـاءَ بَـغْــدَادٍ
فأنْسَانَاكُمُ جِدّا
ولمَّا لم يكنْ بُدّ
وجدْنَا منكمُ بُدّا
أبو نواس
——
أقولُ وقد جُزنا زرودَ عشيّةً
وراحت مطايانا تؤمُّ بنا نجدا
على أهل بغدادَ السلامُ فإنني
أزيدُ بسيري عن بلادهم بُعدا
- هارون الرشيد | منسوب
——
بَلِّغي يا ريحُ عَنّا
أَهلَ بَغدادَ السَلاما
بِأَبي مَن حَرَّمَ النَو
مَ عَلى عَيني وَناما
بِأَبي مَن أَضرَمَ القَل
بَ اشتياقاً وَهُياما
إِنَّ مَن نامَ لَعَمري
يَحسَبُ الناسَ نِياما
العباس بن الأحنف
——
عُيونُ المَها بَينَ الرُصافَةِ وَالجِسرِ
جَلَبنَ الهَوى مِن حَيثُ أَدري وَلا أَدري
أَعَدنَ لِيَ الشَوقَ القَديمَ وَلَم أَكُن
سَلَوتُ وَلكِن زِدنَ جَمراً عَلى جَمرِ
علي بن الجهم
——-
بَكيْتُ مِنَ الفِراقِ غَدَاةَ وَلَّتْ
بِنا بُزْلُ الجِمَالِ عَلَى الفِراقِ
غَداً تَغْدُو مَطَايَا السَّيْرِ مِنِّي
بِشَوق ٍ لاَ يُقِيمُ عَلَى الرِّفاقِ
وأَسْتَبطي إِلى بَغْدادَ سَيْري
ولوْ أَنِّي رَحَلتُ علَى الْبُرَاقِ
البحتري
——
أستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً
بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
صَفو الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
وَأَدمُعِي مُستَهِلّات وَأَدمُعُهُ
ابن زريق
——-
إذا ذكرت بغداد نفسي تقطعت
من الشوق أو كادت تموت بها وجدا
إسحاق الموصلي
————
كَـلِفْنا بالعراق ونحن شَرخٌ
فلم نُلْـمـم به إلا كهولا
وردنا ماءَ دجلةَ خيرَ ماءٍ
وزرنا أشرف الشجر النخيلا
المعري
———
بِجانبِ الكرخِ من بغداد عنّ لنا
ظبيٌ ينفّرهُ عن وصلنا نَفَرُ
ضَفيرتاهُ على قَتلي تَضافَرَتا
فمن رأى شاعراً أودى به الشَّعَرُ
الشريف المرتضى
——-
آهاً على بغدادها وعراقها
وَظِبائها والسحر في أحداقِها
وَمجالها عند الفراتِ بأوجه
تَبدو أهلّتها على أطواقها
مُتبخترات في النعيمِ كأنّما
خلق الهوى العذريّ مِن أخلاقِها
نَفسي الفداءُ لها فأيّ محاسن
في الدهرِ تشرقُ مِن سنا إشراقها
قمر الإشبيلية
——-
أَلا يا بانَةَ الوادي
بِشاطي نَهرِ بَغدادِ
شَجاني فيكِ مَيّادٌ
طَروبٌ فَوقَ مَيّادِ
يُذَكِّرُني تَرَنُّمُهُ
تَرَنُّمَ رَبَّةِ النادي
لَقَد تاهَ الجَمالُ بِها
وَفاحَ المِسكُ وَالكادي
ابن عربي
——
يُتَيِّمُنِي بِأَرْضِ الشَّامِ حُبٌ
ويَعـطِفُـنِي عَلى بَغدَادَ حُبُّ
ولا وأبيك ما هومت إلا
سرى لهما خيال لا يغب
فكل هوى يطالبني بقلب
وهل لي غير هذا القلب قلب
إذا كان التنائي في التلاقي
فماذا يصنع الدنف المحب
ابن القيسراني
——
مَاذَا بِبَغْدَادَ مِنْ طِيبِ الْأَفَانِينِ
وَمِنْ مَنَازِلَ لِلدُّنْيَا وَلِلدِّينِ
تُحْيِي الرِّيَاحُ بِهَا الْمَرْضَى إِذَا نَسَمَتْ ...
وَجَوَّشَتْ بَيْنَ أَغْصَانِ الرَّيَاحِينِ
منصور النمري
——-
على بغداد معدن كل طيب
ومغنى نزهة المتنزهينا
سلام كلما جرحت بلحظ
عيون المشتهين المشتهينا
وما حب الديار بنا ولكن
أمر العيش فرقة من هوينا
الخطيب البغدادي