#شرح_نظم_البيقونية
الدرس 05
قال الناظم رحمه الله:
وذي من أقسام الحديث عـده وكـل واحد أتـى وحده
أولهـا الصحيح وهـو ما اتصـل إسنـاده ولم يشـذ أو يعــــــــل
يرويـه عـدل ضابـط عن مثلـه معتمـــد فـي ضبطـه ونقلـــه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
شرع الناظم رحمه الله في بيان أقسام الحديث فقال:
(وذي): أشارة إلى المعاني الموجودة في ذهن المؤلف قبل التأليف (من أقسام) علم (الحديث عـدة) يعني: عدد غير كثير، ويعني بعلم الحديث علم الحديث دراية، وهذه الأقسام تندرج تحت ثلاثة أنواع، هي: الصحيح، والحسن، والضعيف، فالحديث لا يخرج عن دائرة هاته الأنواع الثلاثة، (وكل واحد أتى وحده)، أي: كل قسم من هذه الأقسام سيأتي في النظم مع تعريفه أو التمثيل له، فالواو هنا للمعية على الراجح، وليست للعطف، للقاعدة:"إن أمكن العطف بضعف فالنصب على المعية أولى من التشريــك"، كقولك: سرت وزيدا، فنصب زيد أولى من رفعه لضعف العطف على الضمير المرفوع المتصل بلا فاصل، أما إذا قلت: كنت أنا وزيد كالأخوين، فرفع زيد عطفا على الضمير المنفصل (أنا) أولى من نصبه مفعولا معه، لأن العطف ممكـن من غير ضعف للفصل، والتشريك أولى من عدم التشريك، قال ابن مالك رحمه الله في ألفيته:
والعطف إن يمكن بلا ضعف أحق والنصب مختار لدى ضعف النسق.
(أولها): أي أول هذه الأقسام: (الصحيح): وهو في اللغة: ضد السقيم، أما اصطلاحا: فهو ما اتصل سنده بنقل العدل الضابط عن مثله من أوله إلى منتهاه، ولم يكـن شاذا ولا معللا بعلة تقدح فيه – وسيأتي تفصيل هذا عند شرحنا لشروط الحديث الصحيح كما هي مبينة في النظم-.
(وهو ما اتصل إسناده): أي: أول شرط من شروط صحة الحديث اتصال السند من أوله إلى منتهاه، وخـرج به الحديث المنقطع، والمعضل، والمرسل، والمعلق، وهي مصطلحات تحتاج إلى توضيح وبيان، ولكن نرجئ ذلك إلى حينه.
(ولم يشذ أو يعل)، أي: والشرط الثاني من شروط الصحة: عدم الشذوذ، والعلة القادحة، والحديث الشـاذ: هــو ما خالف فيه الثقة من هو أوثق منه أو أكثر عددا، وسيأتي مزيد بيان له عند قول الناظم: وما يخالف ثقة فيه الملا فالشاذ.
أما العلة فهي في اللغة: السقم، فشرط الحديث الصحيح أن لا تكون فيه علة قادحة، ومفهـوم قولهم علة قادحة وجود علة غير قادحة في الحديث، كالاختلاف في تعيين ثقة من ثقتين.
مثاله: عن علي بن عبيد عن الثوري عن عمرو بن دينار عن ابن عمر، فقد صرح النقاد بوهم علي على الثوري فالمعـروف من رواية الثوري عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، فهذه علة لكنهـــا لا تقـدح في الحديث، لأن كــــلا من عبد الله بن دينار وعمرو بن دينار ثقة، وسيأتي مزيد تفصيل للعلة - إن شاء الله تعالى-.
(يرويه عدل): أي ينقله عدل، والعدالة: هي الاستقامة في اللغة، ومعناها هنا: وصف في الشخــص يقتضي الاستقامة في الدين، والسلامة من خوارم المروءة، والاستقامة في الدين تعني: تقوى الله عز وجل بفعل المأمورات وترك المنهيات، ويستوي في ذلك الرجل والمرأة، أما المروءة: فهـي فعــل ما يجمــل المرء عند النـاس بما يمدحونه عليه، وترك ما يشينه عند الناس بما يزدرونه به، كمن يمشي في السوق أو الطرقات وهو يتنـاول طعاما، إذا كان عرف الناس يستهجن ذلك، ومفهومه أنه إذا جرى به عرف الناس فلا يعد من خوارم المروءة، فإذا اختل هذا الشرط رد الحديث.....(يتبع بحول الله )
محبكم: العيد معطي.