MENU

Fun & Interesting

2 النبي آدم وقصة الخليقة

Video Not Working? Fix It Now

2- النبيّ آدم وقصة الخليقة

كتابة الأخ الفاضل محمد رضا الطريفي الجمريّ

ملاحظة : هذا جزء من المحاضرة , لقراءة المحاضرة كاملة من خلال موقعنا : http://al-saif.net/?act=av&action=view&id=1822

"وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ"[1]

موضوعنا يتناول شيئًا عن نبيّنا آدم أبي البشر (على نبيِّنا وآله وعليه أفضل الصلاة والسلام)، وهو جزء عن من مواضيع عن تاريخ بعض الدِّيانات والرُّسُل ذات الأتباع اليوم، وتلك الدِّيانات التي يُحتمَل أن تكون ديانةً سماوية، وإلى ديانات أُخَر من المعلوم أنها ليست سماوية، سيكون حديثنا خلال هذا الشهر الكريم ضمن هذا الاتّجاه.

ومن الطبيعي أن يكون البدء ببدء الأسرة الإنسانيَّة الأولى التي ننتمي إليها، وطليعتُها أبو البشر آدمُ (عليه السلام)، هنا ملاحظتان على هذه الآية المباركة من سورة البقرة تلفت النظر:

في ظلال الآية المباركة

الملاحظة الأولى: أنّنا نجد أنّ بداية الخِلقة كانت نبيّاً من الأنبياء، وهذا بحسب ما نعتقده نحن الإمامية يأتي مُنسجماً مع القواعد العَقَدِيَّة المؤسَّسة من أنَّ الأرضَ لا تخلو من حُجَّةٍ، لابُدَّ أنْ يكونَ لله حُجَّةٌ على البَشَر، ولا يمكن أن تكون الأرضُ خاليةً من الحُجَّة، إمّا رسولٌ برسالة مستَأنَفَة وإمّا وَصِيٌّ لذلك الرَّسول، المهم ألاَّ تخلوَ الأرضُ من حُجَّة. فلو فرضنا أنَّ اللهَ بدأ بخلق البشر ثمّ بعث إليهم النَّبي فإنَّ هذه القاعدةَ تَنْخَرِمُ، في ذلك الوقت سيكون هناك مجموعة بشرية ولا يوجد نبيّ، حتى لو سنة واحدة وبعدها أرسل إليهم النبي!، هذا يعني خلوّ الأرض من حجة بمقدار سنة، لذلك نعتقد أنّ الله (سبحانه وتعالى) خلقَ آدم النبيَّ الرَّسول أوَّلاً ثمَّ تناسلت منه ذرّيته حتى يكون البشر محجوجينَ – أيْ لديهم حُجّةٌ من قبل الله (عزّ وجل) -، ولو انعكسَ الأمرُ بأنْ خلَقَ الناسَ ثمّ بعث آدمَ؛ في ذلك الوقت ستكون فترة الأرض خاليةٌ من الحجة.

لذلك كانَ أول ما خلق الله من البشر - في هذه السلسلة البشرية التي نحن ننتمي إليها - آدم، "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً"، أول شيء أضع الخليفة عن الله، الحجة من الله، النبي المُرْسَل من الله، ثمّ بعد ذلك يأتي البشر.

الملاحظة الثانية: أنّ القرآن الكريم يجعل محور التاريخ الأنبياء، بحيث القَصَص القرآني يدور حولَ قَصَص الأنبياء، الشيء الذي يتّصل بموضوع الأنبياء يأتي به القرآن الكريم، وكأنّ القرآن يريد أن يقول: خلاصة التاريخ المُفيد هو قَصَص الأنبياء وتجاربهم وأحوالهم في أُمَمهم، وإلاّ كم مرَّ التاريخ الإنساني من ملوك جبابرة، كم مرةً بهم انقادت حروب وعساكر، كم مرَّ به من رجال مال وثراء، كم مرّت به من الأحداث العظيمة - سلبية وإيجابية -؟ كثير جداً، ولكنّ القرآن الكريم لا يتكلّم عن كل ذلك، حتى بسطرٍ واحد إلاَّ فيما يرتبط بالنُّبُوَّات. يتكلَّم عن فرعون ولكن من حيث علاقته بموسى، تكلّم عن نمرود من حيث علاقته بإبراهيم، وإلاّ -مثلاً- كان مزامنًا لعيسى بن مريم (هيرودس) أحد الحكام الرومان المهمِّين جداً، أبداً لا تسمع ذكراً له ولا أثراً عنه في القرآن الكريم؛ لأنه لا يوجد هناك موقف يريد أن يسجّله القرآن الكريم، فهذا اسمه ورسمه وأثره وتاريخه لا يُعدّ شيئاً، وهذا أمرٌعظيم.

تاريخ البشر بين رأي الديانات والعلم الحديث

الآية المباركة تتحدّث عن أنّ الله (سبحانه وتعالى) قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً"، وبُدئ التاريخ الإنسانيّ الذي ننتمي إليه بخلق آدم، خلقُ آدم بحسب التاريخ اليهودي والنصراني وفي التراث الإسلامي لا يزيدُ بُعْدُهُ عنَّا عن ثمانية آلاف سنة، ثمانية آلاف سنة من الزَّمان تقريبًا هي التي تفصل بيننا وبين أبينا آدم (عليه السلام)، هذا بحسب التوراة، وبحسب الإنجيل، وبحسب الموجود في تراث المسلمين، قرآنيًّا لم يتمَّ الحديث عن هذا الموضوع، وأيضًا في السُّنَّة الصَّحيحة عن النبيِّ والمعصومين (عليهم السَّلام) لا يظهر أنهم تعرَّضوا بالضَّبط لهذا الموضوع، ولكنَّ الموجود كتاريخٍ للمسلمين عن تلك الفترة يتَّفقون فيه مع العهد القديم التوراة والعهد الجديد الإنجيل، أقلُّ من ثمانية آلاف سنة هم يقولون أنّ خلق آدم كان حواليّ 5900 سنة قبل ميلاد المسيح، وبيننا وبين ميلاد السيّد المسيح 2000 سنة وشيء، فالمجموع يكون 7900 وشيئًا.

هذا التاريخ الذي يُذكر عند المتديِّنين في الدِّيانات الثَّلاث يتعارض مع ما نتج عن بحوث غَرْبِيَّة عِلمية، في الأحافير في طبقات الأرض في المتحجّرات، هذه البقايا البشرية في داخل الكهوف وما شابه ذلك، يقولون بأنَّ التاريخ البشري والإنساني يمتدّ لا إلى عشرات الألوف فحسب، بل إلى مئات الألوف من السَّنوات، فكيف تقولُ كتبكم وتراثكم الديني أنّ تاريخ آدم 8000 سنة، فإمّا أن يكون هو ليس أول البشر، والفرض أنّ قرآنكم يقول هكذا، وإنجيلكم وتوراتكم يقولان كذلك، وإمّا ماذا تجيبون على هذا؟.

وهذا أحد الأسئلة التي يُوجّهها بعض المدرِّسين الغربيين لطلابنا المُبتعثين، أكثر من سؤال جاءَ في هذا الموضوع من قبل الطَّلبة. أنت متديّن؟ أهلاً وسهلاً، ولكن دينك هذا يُخالف العلم، العلم يقول إنَّ التَّاريخ الإنساني بحسب هذه البحوث يمتدُّ إلى عشرات الألوف من السَّنَوات أو أكثر، وأنتم بحسب ما هو مومجود عندكم تقولون آدم أبو البشر هو أول الخلق 8000 سنة ..

Comment