جمع القرآن في رؤية الشيعة الإمامية
كتابة الأخت الفاضلة فاطمة آل السيد
تدقيق الأخ الفاضل أبي محمد العباد
( هذا مختصر ) للقراءة بشكل مفصل من خلال موقعنا : http://al-saif.net/?act=av&action=view&id=2233
رُوي عن سيدنا ومولانا أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال ( ما أحدٌ من هذه الأمة جمع القرآن إلا وصي محمد )
وعن أبي عبدالله جعفر ابن محمد الصادق عليه السلام أنه قال إن رسول الله قال لعلي: ( يا علي القرآن خلف فراشي في الصحف والحراير والقراطيس فخذوه واجمعوه ولا تضيعوه كما ضيعت اليهود التوراة، فانطلق عليٌ فجمعه في ثوبٍ أصفر، ثم ختم عليه في بيته، وقال لا أرتديه حتى أجمعه، فإنه كان الرجل ليأتيه فيخرج إليه بغير رداء حتى جمعه)
الإمامية يخالفون مدرسة الخلفاء في طريقة وصول القرآن الكريم، وفي مقدار الضمانات التي يؤكدون وجودها بالنسبة إلى القرآن الكريم، بحيث لا يمكن مع هذه النظرية أن يتطرق أي احتمال بأي نسبة كان من وجود خللٍ أو خطأ أو غير ذلك.
بينما بناءً على النظرية الأخرى، التي ذكرنا عددًا من الانتقادات الموجهة إليها في جمع القرآن الكريم، يتطرقُ الشك وتنفتح الأبواب من قبل أعداء الدين والمخالفين للقرآن الكريم للتشكيك في مصداقيته بكامله أو في كماله وتمامه.
وأعجب من هذا عندما يتبجح البعض من المسلمين بالقول مثلاً كما ذكر بعضهم أنه يقول: أنا لي سند للقرآن وهو عن فلان عن فلان عن فلان إلى رسول الله صلى الله عليه وآله، هذا من أسخف الطرق من الناحية العلمية عندما نريد أن نُثبت القرآن بسند يُعتبر على خبر الأحاد، لو فهم القائلين بهذه الكلمات مؤدى كلامهم لستروا هذا الكلام، إنما القرآن في ثبوته وبقائه ووصوله إلى المسلمين أسمى من هذا وأعظم وأكبر .
رؤية المدرسة الإمامية في جمع القرآن:
الصحيح هو ما ذهب إليه الإمامية من أن القرآن إنما تُلقي من الله عز وجل عبر جبرئيل إلى رسول الله إلى إمام معصوم وهو أمير المؤمنين عليه السلام، كتبه من فم رسول الله صلى الله عليه وآله ، وليس زيد بن ثابت أو فلان من جمع القرآن ورتبه وأحصى آياته، لأنهم غير معصومين ومن كان غير معصوم لم يُؤمن منه تطرق الخطأ، وإنما كتبه علي عليه السلام، فقد كان ملازمًا لرسول الله صلى الله عليه وآله من أول الأيام التي لم يكن فيها كُتاب وحي إلى الدرجة التي يقول فيها الإمام علي عليه السلام في القطعة الموجودة في نهج البلاغة ( وقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ والْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ، وَضَعَنِي فِي حِجْرِه وأَنَا وَلَدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِه، ويَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِه ويُمِسُّنِي جَسَدَه، ويُشِمُّنِي عَرْفَه، وكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيه، ومَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْلٍ ولَا خَطْلَةً فِي فِعْلٍ، ولَقَدْ قَرَنَ اللَّه بِه صلى الله عليه وآله مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَكٍ مِنْ مَلَائِكَتِه، يَسْلُكُ بِه طَرِيقَ الْمَكَارِمِ، ومَحَاسِنَ أَخْلَاقِ الْعَالَمِ لَيْلَه ونَهَارَه، ولَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُه اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّه، يَرْفَعُ لِي فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ أَخْلَاقِه عَلَماً، ويَأْمُرُنِي بِالِاقْتِدَاءِ بِه، ولَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَةٍ بِحِرَاءَ، فَأَرَاه ولَا يَرَاه غَيْرِي، ولَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذٍ فِي الإِسْلَامِ، غَيْرَ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وآله وخَدِيجَةَ وأَنَا ثَالِثُهُمَا، أَرَى نُورَ الْوَحْيِ والرِّسَالَةِ وأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ، ولَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ - رنة بمعنى صوت صُراخ وانزعاج -حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْه صلى الله عليه وآله فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّه مَا هَذِه الرَّنَّةُ، فَقَالَ هَذَا الشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِه، إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ وتَرَى مَا أَرَى، إِلَّا أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيٍّ ولَكِنَّكَ لَوَزِيرٌ”)
تواتر القرآن ضمانة عن التحريف:
قراءة المسلمين للقرآن تصل لحد التواتر. تواتر القرآن هذه فكرة ينبغي أن يُفكر فيها أتباع المدرسة الأخرى. فلا معنى أبدا لأن يقول فلان عندنا سند آحاد إلى القرآن، والحال أن أعلى مراتب التواتر والذي يعني أنه في كل طبقة مجموعة كبيرة من الناس يروون الخبر ويروون القرآن، أي ليس شخصًا ولا اثنين ولا خمسين بل أكثر من ذلك بكثير، مجتمعٌ كامل.
لو أردت أن تفهم معنى التواتر بشكله الحقيقي انظر إلى العالم الإسلامي. الآن العالم الإسلامي كيف يتعامل مع القرآن؟ الحكومات من جهتها لأسباب مختلفة تعنى بالمسابقات القرانية، طباعة القرآن، مسابقات حفاظ القرآن، تفسير القرآن، وغير ذلك، هذا على المستوى الرسمي في كل البلاد الإسلامية. ننزل إلى طبقات أخرى من المجتمع، هيئات شعبية ومؤسسات، قسم كبير من المسلمين يجدون التقرب في أن يدفعوا من أجل القرآن، طباعة القرآن، تشجيع حفظ وتلاوة القرآن، أوقاف قرآنية، نذورات للقرآن. لو أردنا أن نُحصي فقط في هذا البلد حجم الاهتمام بالقرآن من مؤسسات، مسابقات، حفاظ، تفسير، تدبر، تلاوة، تعليم وغير ذلك. فكيف على مستوى المسلمين ككل؟ حتى لو فرضنا أنه لم يكن هناك مؤسسات أهليه، كل شخص من الناس الآن في شهر رمضان، حتى لو لم يكن يقرأ ١٠ صفحات من القرآن خلال السنة، ولكن في هذا الشهر يكون هدفُهُ أن يختم القرآن.