القوط هم فرع من القبائل الجرمانية ،
حكمت غرب أوروبا لعدة قرون مع بدايات القرون الوسطى
أرجح الأراء أنهم قدموا من إسكندنڤيا إلى وسط و جنوب شرق أوروبا
لكن يبقى الخلاف على أصولهم و من أي البلاد قدموا قائما إلى اليوم
فكل ما يعرف عن القوط قبل القرن السادس الميلادي يأتي من مصدر واحد، وهو كتاب جيتيكا، الذي ينسب لكاتب يسمى يوردانس، و ربما كان من أصل قوطي
بحسب المؤرخ يردنس فإن موطن القوط الأصلي يعود إلى جزيرة باردة تسمى سكاندزا و ربما قصد بها سكندناڤيا
و قد هاجروا منها بقيادة ملكهم بيريغ عن طريق البحر في ثلاث سفن نحو أرض تسمى غوثيسكانزا
لكن ربما جرت الإشارة للقوط في كتابات المؤرخين القدماء بإسم السكيثيين أو الإسقوث أو الساكا
لأنهم إستوطنوا في البداية في منطقة سكوثيا على البحر الأسود
و كانوا من ضمن الشعوب الذين أطلق عليهم الرومان إسم البرابرة
منذ أوائل القرن الثالث الميلادي بدأت قبائل القوط هجرتهم في مجموعات صغيرة إلى شرق أوروبا خاصة في بولندا الحالية ثم لاحقا في سهوب أوكرانيا و جنوب روسيا
و بدئوا بمهاجمة الحدود الشرقية للإمبراطورية الرومانية
و اشتدت تلك الهجمات خلال منتصف القرن الثالث ، الى ان وقعت معركة عظمى بين القوط و الرومان
مات فيها الإمبراطور الروماني دِكيُس و هزم الرومان هزيمة نكراء في تلك المعركة
ثم توغل القوط في الأناضول و هاجموا المدن اليونانية
و من الحوادث الشهيرة أثناء الغزو القوطى للمدن الإغريقية هو إجتياحهم لمدينة إفسوس و تدميرهم لهيكل أرتميس و الذي كان احد عجائب الدنيا السبع القديمة
ثم قاموا بالإغارة على سواحل بحر إيجة و بلاد اليونان و اجتاحوا مقدونيا
لكن تصدى لهم الامبراطور كلاوديوس الثاني و هزمهم
و منذ القرن الثالث الميلادي بدأ القوط في الإنقسام إلى كجموعتين
القوط الشرقيين و القوط الغربيين، و اصبح لكل منهما تاريخه المستقل
دخل الإمبراطور فالنس في حروب مع القوط الشرقيين لكنه لقى هزيمة كاسحة في معركة أدرنة و أبيد جيشة حتى ان الامبراطور نفسه مات خلال المعركة
و كانت تلك واحدة من اكبر الهزائم التي تلقاها الرومان عبر تاريخهم و ذلك خلال القرن الرابع الميلادي
و قد حاصر القوط مدينة القسطنطينية لكنهم عجزوا عن دخولها
ثم سمح لهم الامبراطور ثيودسيوس بالاستقرار على تخوم الامبراطورية و اعترف بإستقلالهم و اعفاهم من الضرائب مقابل الخدمة في الجيش الروماني
و خلال القرن الرابع اعتنق القوط المسيحية وفق المذهب الاريوسي و قد قام القديس أولفيلا بترجمة الإنجيل إلى اللغة القوطية و كان ذلك أول أنتاح أدبي للقوط
و تدريجيا و على مدار القرون تحول جميع القوط من الديانة الوثنية إلى المسيحية الأريوسية
في تلك الفترة كانت قد انفصلت الامبراطورية الرومانية الى امبراطوريتين ، امبراطورية شرقية و هي الامبراطورية البيزنطية و امبراطورية غربية
مع أوائل القرن الخامس نقد القوط عهودهم مع الرومان و قاموا بقيادة ملكهم آلاريك بغزو مقدونيا و اليونان و إيطاليا و اجتاحوا مدينة روما و قاموا بنهبها
و كانت تلك هي المرة الأولى التي يتم فيها نهب مدينة روما منذ ثمانية قرون على مدار تاريخها
نجح الملك آلاريك في تأسيس مملكة قوطية في بلاد الغال و هي فرنسا حاليا و هي بداية ما سيعرف في التاريخ بمملكة القوط الغربيين
ثم لاحقا وسع القوط الغربيين اراضيهم لتشمل إسبانيا و البرتغال
في البداية اتخذ القوط الغربيين من مدينة تولوز الفرنسية عاصمة لهم لكن بسبب هزيمتهم و فقدانهم لمعظم فرنسا على يد الفرنج مع أوائل القرن السادس
وطدوا حكمهم في إسبانيا و إتخذوا من مدينة طليطلة أو توليدو في أسبانيا عاصمة لهم
اما القوط الشرقيون فقد واجهوا خطر إجتياح جيوش الهون لشرق أوروبا بقيادة أتيلا الهوني
لذلك أضطر القوط للتحالف مع الرومان لصد غزو الهون ، و بعد موت زعيمهم أتيلا انهارت إمبراطورية الهون و عاد القوط الشرقيون للتوسع داخل حدود الامبراطورية الرومانية الشرقية بقيادة زعيمهم ثيودريك الكبير
مع نهايات القرن الخامس سقطت الامبراطورية الرومانية الغربية على يد القائد الجرماني الشهير أودواكر و الذي خلع اخر امبراطور روماني غربي رومولوس اوغسطين و أصبح الحاكم الفعلي لإيطاليا
لذلك دعم الامبراطور البيزنطي زينون ملك القوط الشرقيين ثيودريك العظيم و شجعة على غزة ايطاليا
و بالفعل تمكن ثيودريك الكبير من هزيمة القائد الجرماني اوداكار في الغرب و قتله و سيطر على عاصمته رافيينا و جعلها عاصمة للقوط الشرقيين
و بعد هزيمة أوداكار سيطر ثيودريك الكبير على أيطاليا بما فيها روما و رافينا و بحكم الأمر الواقع أصبح القوط الشرقيين هم حكام إيطاليا الفعليين
أسس القوط الشرقيين مملكة كبرى إمتدت من غرب صربيا و البلقان إلى شرق فرنسا و شملك كل إيطاليا تقريبا
و خلال القرن السادس سعي الإمبراطور البيزنطي جستنيان إلى إعادة إحياء و توحيد الإمبراطورية الرومانية
لذلك دخل في مواجهات مع القوط الشرقيين و قام بعدة حملات للسيطرة على إيطاليا و استولى على صقلية و ميلانو و روما ثم استولى على رافينا عاصمة القوط الشرقيين
و هزم اخر ملوك القوط الشرقيين تيا و بذلك سقطت مملكة القوط الشرقيين خلال منتصف القرن السادس على يد البيزنطيين أو الرومان الشرقيين
أما القوط الغربيين فظلت مملكتهم قائمة و التي شملت إسبانيا و البرتغال و غرب فرنسا
و خلال القرن السادس إعتنق الملك ريكارد الأول للمذهب الكاثوليتي لتقربه من الكنيسة الرومانية الكاثوليمية
.و تدريجينا تحول القوط من الإيمان الأريوسي إلى الإيمان الكاثوليكي بعد مجمع طليطلة الثالث
ظلت مملكة القوط الغربيين قائمة حتى أوائل القرن التامن الميلادي
و سقطت بعد الفتح الاسلامي للأندلس و هزيمة القائد المسلم طارق بن زياد لاخر ملوك القوط الغربيين ريكاردو أو لوزريق كما تم ذكره في المصادر الإسلامية
و منذ ذلك الوقت خضعت شبه الجزيرة الأيبيرية التي تضم حاليا إسبانيا و البرتغال إلى الدولة الأموية و الحكم الإسلامي تحت إسم الإندلس