مفترس نادر في الصمان أفسدت الثعالب رصده بإسقاطها ثلاث كاميرات - تصوير حديث عن مكر الثعالب والظربان
هذا فيديو يعرض نتائج عملية بحث ورصد وتصوير مفترس نادر في براري الصمان داخل محمية الملك عبدالعزيز الملكية في السعودية بواسطة ثلاث كاميرات فخية؛ حيث وضعتها في أماكن متفرقة للمراقبة ولمدة سبعة أيام متصلة. وفي الفيديو مشاهد طريفة ومضحكة وغريبة من ثعالب في الحياة البرية وكيف اكتشفت الكاميرات وواجهتها وأسقطتها وسحبتها وكيف احتالت على الطعم الذي وضعته لجذب المفترسات في المنطقة للعبور أمام الكاميرات.
وقد نشأت فكرة هذا الرحلة للرصد والتوثيق بعد أن أخبرني صديق من أبناء منطقة الصمان أنه يوجد مكان في الجيان (الأجواء) قر تم رصد آثار ارتسمت على الرمال احيوانات برية ومفترسات، وأن من بينها أثر ذئب رغم أني أعرف أن "الذيب" قد انقطع أو انقرض من الصمان وصحراء الدهناء خلال السنين الأخيرة.
ومع ذلك ذهبت إلى المكان وأجريت مسحا أوليا وشاهدت أثرا على الرمال جديدا لحيوان مفترس نادر في الصمان وصحاري السعودية، وهو الظربان أو غرير العسل الذي يعرف بأسم محلي هو الظربون أو الظرنبول. ولهذا نشرت في المكان ثلاث من الكاميرات للمراقبة والرصد والتصوير، وهي من فئة الكاميرات الفخية التي تصور بواسطة حساسات أو مستشعر للحركة؛ بحيث تبدأ كل كاميرة بالتصوير بمجرد ظهور شيء يتحرك أمام العدسة، وتبقى هكذا فترة طويلة. وقد قمت بتثبيتها جيدا على حوامل كاميرات قصيرة وقوية ورسمت عليها الصخور حتى لا تتأثر بحركة الرياح أو وقوع طيور عليها.
وقد عدت إلى مكان الكاميرات بعد سبعة أيام واكتشفت أنه قد تم اسقاطها على الأرض وتم سحبها لمسافة قصيرة، ولهذا أقدم إليكم أبرز ما حدث من مفاجآت وأحداث طريفة ووقائع غريبة رصدتها الكاميرات من الثعالب التي اكتشفت الكاميرات وبدأت تعبث بها وتسقطها وتسحبها.
يعرض الفيديو أكثر مشاهد الثعالب غرابة حتى والكاميرات تصورها وهي ساقطة على الأرض، فصورت أيضا السماء والنجوم والقمر ورصدت هطول الأمطار وليست السيول، وذلك خلال اليومين الخامس والسادس من تثبيت الكاميرات، وهذه أمطار وسم أو خريف مبكرة لعلها مقدمة أمطار متتابعة في خريف العام 2024م والشتاء، وإذا حدث ذلك فإن مساحات في الصمان وربما الدهناء مقبلة على ربيع 2025م متميز بإذن الله.
وقد أتيت بمعلومات وحقائق خلال التعليق الصوتي المصاحب لعرض مشاهد عبث الثعالب بالكاميرات بحيث تقدم المعلومات تفسيرا لحركات وسلوك وتصرفات هذه المفترسات اللطيفة في حيلها وغرائبها ومفاجآتها، وهذه المفارقات لا تحدث من عدد من حيوانات البيئة الصحراوية التي أصورها في براري السعودية بنفس الطريقة مثل ظبي الريم وغزال الادمي والمها العربي وحتى القط البري والثعابين والزواحف، فالعبث الذي أواجهه بعد نصب كاميرات مراقبة الحياة البرية يحدث من الثعالب فقط التي يلاحظ كثرتها في الصمان بعد أن صار في محمية طبيعية. وانوه إلى أهمية أن يوضع في الاعتبار أن الثعلب الأحمر خصوصا يتزايد بكثرة في الصمان مما يتطلب عمل اجراءات ميدانية احتياطية فيما لو بدأ تنفيذ برنامج لإعادة توطين الأرانب البرية في المكان، لأنها كانت من الأحياء الفطرية الهامة المنتشرة في الصمان والدهناء قبل أن تقضي عليها رحلات الصيد والمقناص للأرانب في هاتين المنطقتين. وقد أشرت في التعليق بأن الثعالب في براري السعودية ليست نوعا واحدا بل أربعة هي الثعلب الأحمر أو الثعلب العربي والثعلب الرملي وثعلب بلاندفورد أو الثعلب الأفغاني وثعلب الصحراء أو ثعلب الفنك.
للعلم تم نشر الكاميرات للتصوير خلال الفترة من 18 حتى 25 أكتوبر عام 2024م. وقد أدخلت ضمن عملية الرصد والتوثيق مشاهد صورتها خلال هذه الفترة لشجيرة الرمث ونباتات حمض كانت قد انقرضت من مساحات واسعة في الصمان مثلها مثل نباتات العرفج والروثة والضمران والقضقاض وغيرها من نباتات الحمض الرعوية. وأتيت أيضا بما أتوقع أنه سيسعد محبي الطبيعة وتكامل الحياة البرية، وهي مشاهد لبعض فياض الصمان خلال ربيع 2024م وقد ازدانت بكثافة الغطاء النباتي الربيعي وأيضا العودة إلى قوة نمو أشجار السدر والعوسج أو العوشز المعمرة مما يعني أن الصمان مقبل بإذن الله على ازدهار وترابط سلسلة الأحياء الفطرية أو الحياة البرية.
مع التحية
محمد اليوسفي